عبد الله بن عمر
الرجل الصالح
ابن الفاروق
هذا شبل آخر فى عرين الاسلام , والده
أسد من أسود الدين الذين أعز الله بهم الاسلام , و فرق الله به بين الحق و
الباطل أبوه خليفة النبى صلى الله عليه و سلم على المؤمنين , و أخته احدى
أمهات المؤمنين و أحد احفاده هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين ؛ كان
عالما ورعا شديد الاتباع لهدى النبى صلى الله عليه و سلم حتى روى ان النبى
صلى الله عليه و سلم نزل تحت شجرة ؛ فكان يتعاهدها بالماء لئلا تيبس
ولقد روى البعض انه اسلم قبل ابيه
فلم يجرؤ ان يكلم اباه فى الاسلام ؛ فلما شرح الله صدر ابيه للاسلام جاء
يكلمه فى ان يسلم ؛ فقال له: والله يا ابتى انى على هذا الدين منذ اكثر من
عام فوكزه ابوه و قال له : فماذا لو مت انا على الشرك ؟ اكنت تفرح ان اباك
مات مشركا فخلد فى النار ؟ يقول هذا الصحابى : فما زال ابى يوبخنى و يلومنى
كلما ذكر ذلك
وكان رجلا صالحا؛ هكذا قال عنه النبى صلى الله عليه و
سلم فقد قال: رايت فى المنام كانما بيدى قطعة استبرق ولا اشير بها الى موضع
من الجنة الاطارت بى اليه فقصصتها على اختى ام المؤمنين حفصه – زوجة النبى
صلى الله عليه و سلم – فقصتها على النبى صلى الله عليه و سلم فقال لها : (
ان اخاك رجل صالح – او : ان عبد الله رجل صالح )
المهاجر الصغير
لا شك انك قد
عرفته انه عبد الله بن عمر بن الخطاب اخو السيدة حفصه ام المؤمنين وما ان
دعا الداعى الى الهجرة الى المدينة حتى سبق عبد الله الى الهجرة فسبق اباه
ووصل الى المدينة وهو بعد ابن الثانية عشرة او اقل قليلا خرج مهاجرا فارا
بدينه و دعوته : ليلحق بحبيبه صلى الله عليه و سلم فى مدينته
جهاد و علم :
وكما فر بدينه من المشركين فها هو يقف فى صفوف المجاهدين من المسلمين ليدافع عن الاسلام ؛ ويحمى الدين ؛
ففى يوم بدر فوجى الصحابة بهذا الشبل من اشبال الاسلام يقف فى صفوفهم
ليقاتل مع المسلمين و لكن يد النبى صلى الله عليه و سلم الحانيه ردته مع
الصغار من الغلمان وكذلك كان الحال يوم احد وكان اول مشاهده الخندق وشهد
غزوة مؤته مع جعفر بن ابى طالب رضى الله عنه ومات النبى صلى الله عليه و
سلم و هو راضى عنه و عندما ادرك ما عليه من امانة حمل هذا الدين للناس و
ابلاغه لهم فانطلق مع الاسود من جنود المسلمين يفتح البلاد و ينقذ العباد
من ظلم الكفر و ظلام الجهل فشهد اليرموك وفى ذلك له على اهل مصر يد فقد
اشترك مع الفاتح عمرو بن العاص فى فتح مصر و افريقيةو كما انطلق يجاهد و
يفتح البلاد فقد جعل على نفسه مسئولية تعليم المؤمنين فعاش ستين عاما يعلم
الناس فالتفت حوله الافئدة و امتلك العقول و قد ظهر ذلك من التفاف اهل
الشام حوله بعد قتل الامام على رضى الله عنه .
ثبات على الحق :
فترك الخلاف وماانحاز الى أى طائفة ضد الأخرى فقد كان
يرى أن حقن دماء المسلمين و الحفاظ على أرواحهم أهم من أى شيئ حتى عندما
قام له مروان بن الحكم ليبايع له بالخلافة و قال له : ان أهل الشام يريدونك
قال : فكيف أصنع بأهل العراق ؟ قال : تقاتلهم . قال : و الله لو أطعنى
الناس كلهم الا أهل فدك " قرية بالحجاز " فان قاتلتهم يقتل منهم رجل واحد
لم أفعل . فتركه و لقد عرف له الصحابه فضله حتى كان جابر بن عبد الله يقول :
ما منا الا من مالت به الدنيا و بها ما خلا عمر و أبنه عبد الله .
على نهج رسول الله :
و كان كثير الأتباع لأثار رسول
الله صلى الله عليه و سلم حتى انه كان ينزل منازله و يصلى فى كل مكان صلى
فيه . و كان بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر الحج و كان كثير
الصدقة و ربما تصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألفا و كان اذا أعجبه شيئ من
ماله تصدق به , فقد رأى يوما ناقة عظيمة له فأناخها مكانها , و أمر بها أن
تساق الى أبل الصدقة لله .
قال نافع : كان ابن عمر اذا
اشتد عجبه بشيئ من ماله قربه لربه , و كان رقيقه – أى عبيده – قد عرفوا ذلك
منه , فربما لزم أحدهم المسجد , فأذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة
أعتقه فيقول له أصحابه : يا أبا عبد الرحمن و الله ما بهم الا أن يخدعوك !
فيقول ابن عمر : من خدعنا بالله انخدعنا له .
من وصايا الحبيب :
و لقد حفظ و روى عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم أحاديث كثيرة , منها أنه قال : أخذ رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوما ببعض جسدى و قال :
" يا عبد الله :كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل و عد نفسك فى أهل القبور "
و من وصاياه لنا :
" البر شيئ هين , وجه طلق , و كلام لين "
توفى عبد الله بن عمر سنة ثلاث و
سبعين بعد قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أشهر و كان سبب قتله أن الحجاج
أمر رجلا فسم رأس رمح و غرسه فى الطريق ووضع الزج – أى الجديدة التى فى أسفل الرمح "
فى ظهر قدم ابن عمر فأصابه . و انما فعل الحجاج ذلك لأنه خطب يوما و أخر
الصلاة , فقال له ابن عمر : ان الشمس لا تنتظرك . فقال له الحجاج : فقد
هممت أن أضرب الذى فيه عيناك ! قال : ان تفعل فاتك سيف مصلت !
و لم يستطع الحجاج أن يقتله أمام الناس : لما يعلم من حب الناس له , و
تقديرهم له رضى الله عنه و جزاه عن الاسلام و المسلمين خير جزاء .
ضع تعليق بحسابك اذا واجهتك مشكلة فى الفيس بوك |
|