عبد الله بن الزبير
الشهيد المصلوب
ما ان وصل النبى صلى الله عليه و
سلم الى المدينة حتى أطلق اليهود شائعة ملأت المدينة فقالوا : أن اليهود
قد سحروا المسلمين فلن يولد للمسلمين مولود ذكر بعد اليوم , و اتتظر الناس
ما تتجلى عنه الأيام القادمة حتى كان الثانى من شهر شعبان من العام الثانى
للهجرة حين جاء البشير أن أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين زوجة الزبير بن
العوام قد ولدت ولدا أسمياه عبد الله فكان يوم ميلاد هذا الشبل عيدا و فرحا
للمسلمين .
عاش عبد الله فى مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم و لربى فى حجره عليه
الصلاة و السلام لأن خالته عائشة أم المؤمنين لم يكن لها ولد فكانت تصحب
عبد الله معها فى بيتها فكانت تكنى بأم عبد الله .
أشبال الاسلام
و اختار النبى صلى الله عليه و سلم جوار ربه و عبد الله يعد غلام فى
الثامنة من عمره تقريبا و لأن الأسود لا تنجب الا أسودا فقد اصطحب الزبير
بن العوام "أحد العشرة الذين بشرهم النبى صلى الله عليه و سلم بالجنة " ولده
معه فى الحروب و المعارك ليتربى على الجهاد فشهد و هو فى الرابعة عشر من
عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة " 15ه – 626 م " و اشترك مع أبيه فى فتح
مصر و أبلى بلاء حسنا و خاض عمليات فتح شمال أفريقيا تحت قيادة عبد الله بن
سعد فى عهد عثمان بن عفان و أبدى من المهارة و القدرة العسكرية ما كفل
للجيش النصر كما اشترك فى الجيوش الاسلامية التى فتحت اصطخر .
و لما حوصر الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه فى بيته سنة " 25ه – 655م "
كان عبد الله بن الزبير من أول المدافعين عنه , و اشترك فى الفتوحات و
الغزوات فى عهد معاوية بن أبى سفيان .
فغزا أفريقيا تحت قيادة معاوية بن حديج ( 45ه – 665 ) و شارك فى محاولة فتح
القسطنطنية ( 49ه – 669م ) مع الجيش الذى قاده يزيد بن معاوية .
عبد الله فى ميزان الفاروق :
وهكذا كبر هذا الشبل حتى صار أسدا جسورا يثب علة أعداء الله فيقتل منهم من
لم يفر و لقد رأى فيه الفاروق عمر بن الخطاب أمارات النجابة و الشجاعة و
تنبأ له بمسيتقبل بارع لما رأى من رباطة جأشه , و ثبات قلبه , و اعتداده
بنفسه , فقد مر عمر بعبد الله و هو يلعب مع رفاقه من الصبيان فأسرعوا
بلوذون بالفرار هيبة لعمر و اجلالا له , فى حين ثبت عبد الله بن الزبير و
لزم مكانه فقال له عمر : ما لك لم تفر معهم ؟ فقال عبد الله :
"لم أجرم فأخافك , و لم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك "
الحرية هى الحياة:
و كما كان شجاعا مع الفاروق و هو بعد غلام صغير يلعب فى طرقات المدينة كان
شجاعا مع معاوية بن أبى سفيان يوم أن كان خليفة للمسلمين و أراد أنة يأخذ
البيعة من الناس لولده يزيد فوقف له عبد الله الصحابى بن الصحابى و معه
البقية الباقية من أصحاب النبى صلى الله عليه و سلم و أولادهم , حتى أن كل
الأمصار بايعت ليزيد بن معاوية الا مكة و المدينة فقاد ابن الزبير حركة
المعارضة لهذه الخطوة التى تحول الخلافة من الشورى و الاتنخاب الى الملك و
التوريث و لم ينجح معاوية فى اقناع هؤلاء المعارضين من أبناء الصحابة فى
مبايعة يزيد فلجأ الى الشدة و العنف فى سبيل تحقيق ذلك .
و كان الحسين بن على على رأس المعارضين وولده فى أمر توريث الحكم مع عبد
الله بن الزبير ولما أستشهد الحسين بن على تحصن الزبير بن العوام بالبيت
الحرام و بايعه المسلمون خليفة لهم طائعين غير مكرهين الا أن بنى أمية
رفضوا هذه البيعة و حاصر الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفى البيت العتيق فضرب
الكعبة بالمنجنيق و استمر الحصار .
أسرة تعشق النضال :
فلما علم بن الزبير أنه لن ينتصر على هذا الطاغية هرع الى أمه أسماء بنت
أبى بكر ذات النطاقبن الفدائية التى واجهت من قبل فرعون هذه الآمة أبا جهل
يوم جاء الى بيت أبيها أبى بكر الصديق يوم الهجرة يسأل عنه و عن النبى صلى
الله عليه و سلم فما استطاع أبو قحافة والد أبى بكر أن يخرج اليه و خرجت هى
اليه فضرب وجهها ضربة شديدة أسقطت قرطها من أذنها فما تحركت و ما قالت أين
هم أو الى أين ذهبا . و هى أيضا من جرجت خلف المهاجرين بالزاد و الأنباء
فى أشجع مغامرة تقوم بها فتاة فى مثل سنها هرع اليها يسألها التصحية على ما
هو فيه من الحصار فسألته : ألست على الحق ؟ فقال : نعم .قالت : فما تخاف ؟
قال : أن يمثل بجسدى بعد قتلى . فردت : و هل يضر الشاة سلخها بعد أن ذبحت ,
ثم قالت قولتها المشهورة الخالدة : يا بنى امض على بركة الله فلضربة سيف
فى عز خير من ضربة سوط فى ذل .
و قتل عبد الله بن الزبير بسهم و هو يصلى داخل الحرم و صلب على أبواب الحرم
عدة أيام و كأنه قدر لأسماء بنت أبى بكر أن تواجه الطغاة فى كل حياتها
فذهبت الى السفاح الحجاج بن يوسف الثقفى الذى قتل ابنها و صلبه فقالت : ألم
يحن الوقت لهذا الفارس أن يترجل – أى ينزل من الصليب – و كان مما قالت :
يا حجاج سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم ينهى عن المثلة و سمعته يقول :
" فى ثقيف رجلان كذاب و مبير " رواه الترمذى و مبير : أى مسرف فى اهلاك الناس ثم قالت للحجاج : أما الكذاب فقد رأيناه و أما المبير فأنت هو يا حجاج
و هكذا انتهت حياتة هذا الأسد الشجاع الذى عاش للحق منذ صباه الى أخر يوم فى حياته .
ضع تعليق بحسابك اذا واجهتك مشكلة فى الفيس بوك |
|